كيمومرمر مشرفه قسم الديكور
عدد المساهمات : 82 تاريخ التسجيل : 10/05/2011
| موضوع: اسم الله (القدوس) الجمعة يوليو 08, 2011 11:58 pm | |
| القدوس من سَمَى عن الشبهات والنقائص، واتصف بكل حميد وراقي، وزاد في القلوب قدره حتى لم تطاوله أوهام الخلائق.
بما أن النفوس من طبيعة واحدة فلو أن أَيَّ إنسان بعيد عن الله عز وجل عرف ما عرف المؤمن لأقبل على الله كما يقبل المؤمن، لو أن أي إنسان عرف ما عرفه رسول الله لأحب الله كما أحبه رسول الله، النفوس واحدة، والدليل، قال تعالى:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "(النساء:1)
من طبيعة واحدة، من جبلة واحدة، من خصائص واحدة، مادامت طبيعة النفس واحدة التفاوت إذاً في ماذا؟.. في العلم.. لذلك قالوا: يفعل الجاهل في نفسه ما لا يفعله عدوه به.
مزارع عنده حقل، مزروع نبات له ريع كبير، قُدِّرت هذه المساحة المزروعة بهذا النباتَ وَريعُها في الموسم الواحد يزيد عن مائتي ألف ليرة من البيوت المحمية، فاشترى دواءً كيمائياً، وحله من دون تعليمات الصانع، ورشَّه.. كل هذا النبات مات من فوره، وخسر الموسم كله فهذا الإنسان الجاهل، إذ لم يقرأ التعليمات، فعل في نفسه ما لا يفعله عدوه به.
إذاً الأزمة أزمة معرفة، أزمة علم.. المشكلة الأخطر؛ أن الإنسان حينما يأتيه الموت سيعرف كل شيء، وسينكشف له كل شيء، وسيرى الحقيقة، وسوف ينكشف له الغطاء.. لقد رأى فرعون ما رآه سيدنا موسى، ولكن بعد فوات الأوان..
والسؤال الجديد الآن: لماذا يجب أن نعرف الله ؟.. نعرفه من أجل أن نعبده، ولن تعبده إلا إذا عرفته، ولماذا نعبده ؟.. من أجل أن نسعد به، من أجل أن يتحقق الهدف من خلقنا إذاً نعرفه، فنعبده، فنسعد به.. ولهذا قال ربنا عز وجل:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"(الذاريات:56)
يجب أن تعرفه لأن المصير إليه، لأنك راجع إليه، لأنك ستأتيه فرداً تتخلى عن كل شيء، كل المكتسبات التي حصَّلتها في العمر، تفقدها في ثانية واحدة، ليس لك إلا الله!
هذا هو القصد، أن نعرف الله عز وجل، لأن المعرفة لابد من أن تنعكس انضباطاً في السلوك والتزاماً عند حدود الشرع، أنا لا أصدق أبداً أن يتعلم الإنسان شيئاً لا ينفذه، لأن الإنسان حينما يقرأ يتفاعل، وحينما يتعلم يتمنى أن يقطف ثمار هذا العلم..
القُدُّوس: على وزن فُعُّول، وهو من القدس، والقُدُس: الطهارة والتقديس هو التطهير، والأرض المقدسة: الأرض المطهرة، وسُميت الجنة حظيرة القُدُس، لأنها مطهرة من آفات الدنيا، وسُمي سيدنا جبريل روح القدس، لأنه طاهر من العيوب في تبليغ الوحي، وكذلك الإنسان في الدنيا، يجب أن يقدس نفسه كي ينال مقعد صدق عند مليك مقتدر.
كلكم يعلم إذا دُعي إلى مقابلة كريمة، كيف يعتني الإنسان بمظهره وبثيابه، وبألوان ثيابه، بكل حركاته وسكناته، فلذلك الملائكة يقولون: "وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ" (البقرة:30)
هل تصدقون أن مهمة الإنسان في الدنيا؛ أن يطهر نفسه كي تغدو مؤهلة لتكون في جوار الله في الجنة، لأن الله طيب، ولا يقبل إلاّ طيباً.
النقطة الدقيقة في هذا الدرس هي أنّ الله سبحانه وتعالى القدُّوسٌ منزه عن الكمالات التي يتصورها الإنسان من عنده، أي أن (كل ما خطر ببالك عن الله..فالله بخلاف ذلك)، الله سبحانه وتعالى قدوس منزه عن كل وصف من صفات الكمال البشري، هو أعظم من ذلك، هو منزه عن صفات كمال الناس، ومن باب أولى منزه عن صفات النقائص، بل إنه منزه عن كل صفة تُتصور للخلق، كل شيء تصوره الإنسان عن الله عز وجل فهو منزه عن هذه الصفات.
ومن معاني الله أكبر، أنه كل ما عَرفتَ عن الله عز وجل، فالله أكبر من ذلك، أكبر مما عرفت، هذا معنى، منزه ومقدس عن كل صفة يمكن لإنسان أن يتصورها، منزه ومقدس عن كل صفة تشبه صفات الإنسان وتماثلها، ولولا أن الله سبحانه وتعالى سمح للإنسان أن يصفه بصفات كمال البشر، لكان وصفه بصفات كمال البشر ذنباً من الذنوب، تقول: الله رحيم، تقول: الله عادل، الله لطيف، الله حليم، إذا قلت: الله حليم يعني يأتي في بالك أن الإنسان قد يحلم، قد يُستفز فلا يغضب، هكذا.. هو قدوس عن هذه الأوهام، وعن هذه الصفات..
الآن مرحلة أخرى القدُّوس هو المنزه عن كل وصف يدركه الحس، عن كل تصور يتصوره الخيال، أو يسبق إليه الوهم، أو يختلج به الضّمير.. أمّا أن تقول منزّه عن العيوب والنّقائص، فإنّ هذا يقترب من باب قلّة الأدب مع الله عزّ وجل أو من باب ترك الأدب.
بربك لو كنت في حضرة إنسان عظيم، وقلت أنت: يا سيدي حدْثتُ الناس عنك، قال ماذا قلت لهم، قال: قلت لهم إن جنابك لست بكاذب! ما هذا ؟ أيقبل هذا ؟ هل تمدح ملكاً بأنه ليس كاذباً،..هذا من ترك الأدب، ألم تر في الملك شيئاً إيجابياً، وهناك قاعدة: إنّ نفي الشيء أحد فروع تصوره، إذا نفيت عن جهة نقيصةً، إذاً بالإمكان أن تقع منه هذه النقيصة، نفي الشيء أحد فروع تصوّره، إذن من ترك الأدب أن تقول: الله سبحانه وتعالى منزّه عن النقائص، منزّه عن العيوب، هذا من ترك الأدب.
من تعريفات اسم القدُّوس أن القدوس من تقدست عن الحاجات ذاته. أمّا أنت فمحتاج، أنت فقير، كل شخصيتك، وعلمك وذكائك وقوة هيمنتك على الناس، وجلدك، وعلمك، كل هذه الصفات تتلاشى أمام شربة ماء..قال له: يا أمير المؤمنين بكم تشتري هذا الكأس إذا مُنع عنك، قال بنصف ملكي، قال فإذا مُنع إخراجه قال: بنصف ملكي الآخر.
القُدُّوس: من تقدست عن الحاجات ذاته، صمد، وتنزهت عن الآفات صفاته. والقدُّوس من تقدس عن مكان يحويه، لا يحويه مكان، وعن زمان يبليه. القدُّوس من قدس نفوس الأبرار عن المعاصي، وأخذ الأشرار بالنواصي.
القُدُّوس: من تقدست عن الحاجات ذاته، صمد، وتنزهت عن الآفات صفاته. والقدُّوس من تقدس عن مكان يحويه، لا يحويه مكان، وعن زمان يبليه. القدُّوس من قدس نفوس الأبرار عن المعاصي، وأخذ الأشرار بالنواصي.
وبعد، فكيف نقيم علاقتنا بهذا الاسم؟ قالوا: من عرف هذا الاسم طهَّر نفسه عن متابعة الشهوات، الله قدوس، هو مُنزه؟
قال مَن عرف هذا الاسم طهر نفسه عن متابعة الشهوات، وطهر ماله عن الحرام والشبهات، ومن عرف هذا الاسم طهر وقته عن دنس المخالفات.. احرص على أن يراك حيث أمرك، وأن يفقدك حيث نهاك في وقت مجلس العلم أين أنت؟ في بيت الله.. في وقت صلاة الجمعة أين أنت؟.. فيما بين الفجر والشمس أين أنت؟ على السرير أم على مصلاك، يجب أن يراك حيث أمرك، وأن يفقدك حيث نهاك.
أحد الصالحين عرف الله عز و جل، تقدست روحه بمعرفة الله، وذاق طعم قربه، ولكنَّ بيته صغير، بيته قبو أجرة، وظيفته متواضعة، معاشه قليل، زوجته وسط، له جيران متعبين، يا رب ماذا فقد من وجدك؟ ثم يقول والله ما نقصَنا شيء، هنا البطولة، إذا عرفته فعلاً لا ترى أنك خسرت شيئاً أبداً.
مرض مزعج ألمَّ به، وهذه مشيئة الله، رضيت بقضاء الله، لذلك طعم القرب ينسي كل شيء.
فليتك تحلو والحياة مريـــــــــرة وليتك ترضى والأنام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامـــــــر وبيني وبين العالمين خــراب إذا صح منك الوصل فالكـــل هيــن وكل الذي فوق التراب تـراب
فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لما وليت عنا لغيرنـــــــــا ولو سمعت إذناك حسن خطابنـــــا خلعْتَ عنك ثياب العجب وجئتنا
من آداب من عرف هذا الاسم، أن تسمو همته إلى أن يطهره الله من كل عيوبه، وأن يرجع إلى الله تعالى بحسن الاستجابة في جميع أوقاته.. فإن من طهَّر لسانه عن الغِيبة، طهَّر الله قلبه عن الغيبْة عنه ويصبح قريباً منه، ومن طهَّر لله طرفه عن النظر بالريبة، طهَّر الله سرَّه عن الحجاب.
إذا الإنسان حجب بصره عن المحرمات، يكشف الله عن بصيرته فإذا أطلق بصره حجب عن بصيرته.. وإذا طهر لسانه عن اغتياب الناس، يقربه الله إليه..
الخلاصة: "وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"( البقرة:30)
يعني نطهِّر أنفسنا كي نستحق أن نكون معك يا رب، في جنتك مع أوليائك، مع المؤمنين، مع الأنبياء مع الصديقين، مع الشهداء، مع الصالحين.
أنت كن عند الأمر والنهي وعلى الله الباقي، قف في الصلاة متخشعاً لعل الله يتجلى عليك، حاول أن تصلي مع أولادك لعل الله سبيل الرشاد، طهر ظاهرهم لعل الله يطهر باطنهم لك الظاهر وعلى الله السرائر.
" إذا رجع العبد إلى الله، نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنِّئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله ".
يا أيها الإخوة الأكارم: إن للحسنة ضياءً في الوجه، ونوراً في القلب، وسعةً في الرزق وقوةً في البدن، ومحبة في قلوب الخلق..
ألا يتمنى أحدنا أن يكون كذلك، وجه كالشمس منير، قلب مستنير سعة في الرزق، قوة في البدن، محبة في قلوب الخلق.
آخر نصيحة، اتق الله باجتناب المحرَّمات تكن من التوابين، وتورَّع عن اقتحام الشبهات تكنْ من المتطهرين، وازهد فيما زاد عن قدر الضرورة تنجو من الحساب الطويل، وأقبل على خدمة مولاك تنل الثواب الجزيل. | |
|